اراء و معتقدات

قصة و سيرة حياة “الجذاب والمخيف”.. صدام حسين الرئيس العراقي الراحل

في تفاصيل جديدة ومثيرة
عن صدام حسين الذي لا يزال صدى سقوطه يدوي في العراق والمنطقة المحيطة
الرئيس العراقي الراحل

صدام حسين المجيد خامس رئيس لجمهورية العراق والأمين القُطري لحزب البعث العربي الاشتراكي والقائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية في الفترة ما بين عام 1979 وحتى 9 أبريل عام 2003، ونائب رئيس جمهورية العراق عضو القيادة القُطرية ورئيس مكتب الأمن القومي العراقي بحزب البعث العربي الاشتراكي بين 1975 و1979.

‏قصة و سيرة ( صدام حسين )
ولد صْدام في قرية العوجا بتكريت يمين ضفاف نهر دجلة في بيت طين عام ١٩٣٧ م ، والتكارتة يكرهون أهل العوجا وكان أهل العوجا منبوذين ولا يتزوج منهم التكارتة

للإبلاغ عن فيديو لا يعمل.. اضغط هنا للعودة اكتب فى جوجل: موقع Hayeil

وسميت القرية – العوجا -التي نزح لها جدهم ( عْمر بيك ) ولذا يقال لفخذ صدام ( البيكات ) قبل ١٠٠ سنة ، سميت العوجا لأعوجاج أهلها وخشونتهم فكانوا لايتجولون الا بخناجرهم والعصي التي تكون رأسها مبرومة ( العجرة ) . وبعد نفوذ صدام الحق أهل العوجا أنفسهم بتكريت ، أهل تكريت فيهم مسيحيون وسنة وشيعة ولكن أهل العوجا لم يكونوا يهتمون بالدين وإن كان جدهم (عمر بتسكين العين ) اسم غير مألوف للشيعة .

توفي والده وهو لم يكمل عاما وقيل في وفاته الكثير منها أن جارةً له هجم عليها شخص يريد يعتدي عليها وكان حسين نائما على سطح البيت فقام وقفز يريد انقاذ الجارة فوقع على رأسه ومات ومنها ايضا أنه اختفى وربما قُتل وأُخفي أمره . تزوجت أمه صبحا طلفاح من عمه ابراهيم الحسن وأنجبت منه ثلاثة أشقاء لصدام من أمه برزان وسبعان و وطبان وبنتين . كان له أخ من أمه وأبيه توفي وعمره ١٣ بسبب المرض العضال وهذا أثناء ماكانت أمه حاملاً به . كان عمه قاسيا عليه ويضربه وكان يلقب ( حسن الكذاب ) وهو فلاح فقير ويسرق إن وجد فرصة ويجبر صدام على السرقة ورعي الماشية وبيع البطيخ وأمه كانت تضرب الودع وتتكسب من ذلك. فترك المنزل وسكن مع خاله خير الله طلفاح وعاش مع أبناءه عدنان وساجدة التي ستصبح بعد ذلك زوجته وأم أولاده الوحيدة وإن ذكر أنه تزوج السيدة سميرة الشابندر وكان عمرها ٤٠ عاما ولم تنجب .

قسوة عمه عليه جعلت منه رجلاً قبل أوان نضوجه والعنف الذي يحيط به من العوجا وتكريت انعكس على شخصيته . هذا العنف خبره وعانى منه من ولد ضخم الجثة يكبره بعامين يترصد له ثم يوسعه ضربا بعصا ، ترصد له صدام ورآه يوما لوحده وكان يحمل قضيبا حديدا فانهال عليه ضربا حتى أُغمي عليه ، من ذلك اليوم بدأ الأولاد والأشرار يتحاشون صدام . خاله خير الله طلفاح طُرد من الجيش عام 1946 بعد أن سُجن . وذلك بسبب تأييده لرئيس الوزراء رشيد عالي الكيلاني الذي تآمرت عليه القوى السياسية لأنه ينحاز لألمانيا في الحرب العالمية الثانية فهرب ولجأ للملك عبد العزيز رحمه الله وهذا الذي يقول الشاعر ( ثم يزبن عليكم مثل زبنة رشيد ) . عدنان ابن خاله على النقيض من صدام هادئا ورزينا وهو أصغر من صدام . تعلّم صدام من ابن خاله الحروف والأعداد ثم دخل المدرسة كبيرا في سن العاشرة وقد ضربه مدرس كردي اسمه عزيز وصمت صدام وعرف مدير المدرسة وهو تكريتي غلطة المعلم فاستدعاه وقال له : أي كارثة تحل علينا لقد ضربت صدام وهو من أهل العوجا وأنت لاتعرف العوجا . طلبوا صدام وقام المدرس بالاعتذار منه ولكن هذا لم يشفع له .المدرس يسكن في منطقة شبه خالية مع أمه وأخيه الأصغر وفي ليلة دامسة طُرق الباب وفتح الولد الصغير الباب ليجد شبحا يطلق النار عليه ويصيبه في رجله وبعدها هذا المدرس ترك منطقة تكريت ونقل لمكان آخر . ذاعت شهرته في تكريت وليس العوجا فقط وخالته ليلى طلفاح وضعت اسوارة ذهبية مكسورة عند صائغ موصلي ليصلحها وأعطته دنانير قيمة الاصلاح ولكن الصائغ جحد المرأة فعلم صدام بذلك فدخل عليه وأغلق الباب وضربه وأخذ جميع الاساور وجلبها لخالته فأخذت اسوارتها وأعادت بقية الذهب للصائغ .

للإبلاغ عن فيديو لا يعمل.. اضغط هنا للعودة اكتب فى جوجل: موقع Hayeil

كان خاله خير الله طلفاح ناقما على الوضع السياسي في العراق وهيمنة الانجليز وفرنسا على المنطقة العربية هذه النقمة تصادفت مع خروج ميشيل عفلق وهو مسيحي وصلاح البيطار سني من سوريا المجاورة وتبلورت أفكارهم على القومية العربية بغض النظر عن الدين يعني عربي مسيحي قبطي شيعي سني تحت لواء القومية وانشأوا حزب البعث عام 1947 . تأثر الخال الذي كان قارئا نهما للتاريخ بهذه الحركة ونقل تأثيره وأفكاره الى ابن أخته صدام . بعد تخرجه من الثانوية رافق صدام خاله الى تجمعات حزب البعث العراقي عام ١٩٥٨ والذي اسسه فؤاد الركابي وانشق عن عفلق ثم اغتيل عام ١٩٧١ م في سجنه على يد أحد السجناء ( عبد الرزاق الدليمي ) وهناك من يشير الى صدام بأصبع الاتهام لأنه كان مدير المخابرات في ذلك الوقت . صدام في اجتماعاته وجد قريبا له ومن تكريت هو العقيد أحمد حسن البكر وتوثقت علاقة الرجلين . قدم صدام طلب للكلية الحربية للانضمام لدورة الضباط ولكنه لم ينجح وكان كثير من أبناء تكريت دخلوا كضباط بسبب أحد أبناء تكريت الذي كان مسؤولا عن القبول ( مولود مكلس ) لكنه كان قد مات قبل وقت قصير من طلب صدام . تعين خير الله طلفاح في تعليم بغداد وهناك ترصد له الشيوعيون وأجبروه على التقاعد وكان المتهم واحد من أهل تكريت يسمى سعدون الناصري وأنه هو الذي وشى به . قام صدام بزيارك لسعدون الناصري وكان لديه مقهى على دجلة وطلب من سلف دينارين ولكن باليوم الثاني وجد سعدون الناصري مقتولا.

‏بدأت الصحف تحرض على صدام وخاله ومن هنا بدأ يلمع اسمه وسجن خير الله وصدام وعدنان ودهام ولطيف أخ خير الله طلفاح ولكن ظهرت براءتهم ويزعم ابراهيم الزبيدي الذي رافق صدام في طفولته أن صدام استدعى ورثة سعدون الناصري عام ١٩٦٩ واعترف لهم وطلب السماح ودفع لهم الدية ( والله أعلم لأن هذه جريمة قتل فيجب أن ننسب القول لأهله ) . حاول صدام دخول الكلية الحربية مرة ثانية وفشل ، وفي عام ١٩٧٦ منحه الرئيس البكر رتبة جنرال ” الفريق الركن المهيب ” اللقب الفريد الذي لم يسمى به غيره وهو الذي لم يدخل أي كلية عسكرية ولكن القيادة بدمه . بقي صدام في بغداد التي تبعد عن تكريت ١٥٠ كم يستمع لخطابات عبد الناصر ، يدبر معيشته ببيع السجائر ويستأجر غرفة في بدروم عمارة ويحضر اجتماعات حزب البعث ، ثم عيّن صدام ومعه آخرون كقوة مناهضة للشغب الذي يحدثه الحزب الشيوعي المنافس القوي ومنها عمل كمين لعضو الحزب الشيوعي يقال له حسن التكرلي وقام بضربه وشج رأسه وأغمي عليه وهرب صدام الى تكريت . قام عبد الكريم قاسم بالانقلاب عام ١٩٥٨ م ضد الملكية ولم يكن قاسم يتبع لأي حزب . ونائبه عبد السلام عارف كان يميل للناصرية وهنا ظهر خلاف بين الرجلين . تزوج خاله خير الله من فتاة كردية بعد اصابة زوجته بالشلل وفي هذه الأثناء قبض على صدام وأودع السجن لستة شهور بتهمة قتل حيدر التكريتي مسؤول بارز في الحزب الشيوعي ومقرب من عبد الكريم قاسم وهذا الرجل قتل بالسواطير في بيته ولم يكن صدام معهم وأطلق سراحه بعد ستة شهور وكانت ابنة خالة ساجدة تزوره وتحضر له الشاي والسكر والخبز وبعد فترة زاره خاله الذي هربت زوجته الكردية . عين عبد السلام عارف سفيرا في برلين ثم استدعي وحكم بالاعدان وخفف الحكم الو المؤبد وعاد رشيد الكيلاني من منفاه بالقاهرة وحكم بالمؤبد . حدثت ثورة في الموصل وقام الشيوعيون بمجازر ضد القوميين العرب ولم يكن عبد الكريم قاسم راضيا عن ذلك وحاكم عددا من الشيوعيين قائد القوة الجوية العقيد عبد الوهاب الشواف كان يخطط لقصف مقر عبد الكريم قاسم حين حدثت الاشتباكات بالموصل وأصيب برأسه وهو يعالج بالمستشفى دخل عليه طبيب متخرج حديثا من موسكو وأطلق على رأسه خمس رصاصات . بعد خروجه من السجن انخرط صدام في محاولة لاغتيال عبد الكريم قاسم في عام ١٩٥٩ وكان عددهم خمسة . دور صدام تأمين الحماية لزملائه الأربعة . الخطة محكمة بالتعرض لسيارة عبد الكريم قاسم أثناء مرورها بشارع الرشيد وكان قاسم سيذهب لسفارة ألمانيا الشرقية لحفل استقبال له . لايعرف على وجه التحديد سبب فشل عملية الاغتيال فقد كان المهاجمون الأربعة مزودين برشاشات والطريق سالكة ولكن صدام بعد مرور سيارة الرئيس طلّع رشاش استعاره من خاله وبدأ يطلق النار على السيارة ( لايعرف هل هو ارتجل وخرج عن الخطة أم أن زملاءه لم يطلقوا النار ). طبعا فشلت الخطة وتعرض صدام لطلقة بساقه اليسرى من فريق حماية الرئيس. قُتل سائق الرئيس وأحد مرافقيه وتعرض عبد الكريم قاسم لجرح بكتفه وهو في يضمد الجرح بالمستشفى أمر بمهاجمة مقرات حزب البعث والقبض على جميع منتسبي الحزب . الذين هربوا في اتجاه سوريا أغلبهم قتلوا برصاص رجال الحدود ، صدام حمله رفيقه عبد الكريم الشيخلي الى بيت عجوز سبعينية عمياء وطرشاء وأختبأ عندها صدام والشيخلي ونظف الجرح ونقله بسيارة لبيت خاله خير الله طلفاح في حي الكرخ ببغداد ونظموا طريقة هروبه لسوريا عبر البادية. بعد خروجه قُبض على خاله وكان صدام يعرج ولايستطيع المشي فاشترى فرسا ولبس لبس بدو دشداشة وكوفية( نتوقف قليلا نستذكر أيام يابو عقال وكوفية والسمرة العربية جيل الثمانينات وأهل عرعر والقريات وتلك الأيام وكانت الحرب العراقية الايرانية بأوجها ) . قابل صدام دليل ليرافقه الى سوريا وعبر الى منطقة عوينات والعوجة حيث جاءت سيارة نقلته للبادية واستضافه رجل بدوي وقدم له ضيافة خروفا ثم سار مع الدليل حتى دخل البوكمال وهناك احتفى به البعثيون وكان الحزب يحكم سوريا وقابل الرفيق ميشيل عفلق وفي عام ١٩٦٤ رشحه عفلق لرئاسة الحزب البعثي العراقي . هنا نقطة أود أن أُشير لها أن صدام لم يقتنع بالبعث كفكرة وإنما كان يؤمن أكثر بالقومية العربية ( الناصرية ) ولكن وجد أن البعث يخدم فكرته ولو تطرقنا الى هذه النقطة لماتوقفنا وفي أخريات حكمه ( ١٩٩١-٢٠٠٣ ) نلحظ اختفاء النبرة البعثية وزيادة الاتجاه الاسلاموي . غادر صدام دمشق عام ١٩٦٠ وتوجه للقاهرة وهناك استقبله الشيخلي ورفاقه واستأجروا له شقة بالقاهرة. استأنف صدام في مصر الثانوية ومنح الشهادة وعيّن رئيس حزب البعث في مصر وهناك بدأ يمارس القيادة على أعضاء الحزب ويراقب توجهاتهم وميولهم . في هذا الصيف أرسل صدام لعمه حسن ابراهيم ليخطب له ابنة خاله ( ساجدة خير الله طلفاح ) . كان صدام يقرأ الأهرام ويستمع لخُطب عبد الناصر وهنا تعلم.

‏في القاهرة تشبع صدام بطريقة عبد الناصر بالحكم واقناع الناس بالكلام وضرب الأحزاب ببعضها ومراقبة المؤثرين . بعد أن فضّت سوريا وحدتها مع مصر عام ١٩٦١ ، قللت مصر من مخصصات البعثيين ثم بدأت المخابرات المصرية بمراقبتهم. بعد ثلاث سنوات قام عبد السلام عارف بمهاجمة مقر الرئيس عبد الكريم قاسم بالدبابات وقبضوا عليه وذهبوا به لمبنى التلفزون كي يحاكموه ثم أطلقوا عليه الرصاص ، قتله ضابط اسمه علي الدليمي وكان عبد الكريم قد عفا عن عبد السلام عارف مرتين ، عام ١٩٦٣ م عاد صدام الى بغداد متوقعا أن يوعز له بمنصب أعلى وأن يتم تقديره وكانت صورته عممت أثناء محاولة الانقلاب وهي الصورة الوحيدة له في صغره سحبت من ملفه بالثانوية لأن جميع صوره أحرقت من أهله حتى لايتم التعرف عليه (هذا يفسر قلة صور صدام في شبابه في عصر الكاميرا ) . كان البكر نائب عارف ومهدي صالح عماش وزير الدفاع على اتفاق تام وعبد السلام مع حردان التكريتي ولكن صدام أوكلت له وظيفة حقيرة رئيس تجمع الفلاحين في غرفة واحدة بحمام لاتليق بالرجل الذي أصاب عبد الكريم قاسم بكتفه وكان علي صالح السعدي الأمين العام لحزب البعث هو الذي أصدر ذلك وحقد صدام على السعدي لهذا التهميش وحدث زيارة لفنانين مصريين جاءوا من صوت العرب كعبد الحليم وفايزة أحمد وغيرهم فوقف صدام في الخارج ورآه السعدي فوبخه ومعه آخرين ( كيف ماتستحون واقفين بطريق النساء ) وكان مع السعدي أفراد حمايته مدججين بالسلاح فقال صدام غاضبا : اذا ماتمشي راح أهينك قدام حراسك . فمشى السعدي . عبد السلام عارف كان قويا وتنبه الى أطماع البعثيين فأعفى البكر من منصب نائب الرئيس وبدأ تصفية البعثيين فقام ناظم كزاز بقتل ٧ ضباط بعثيين مع ٢٠٠ عنصر وقتل وزير الدفاع وطورد صدام واختفى في صحراء البادية بين سوريا والعراق ولكن عبد السلام أعاد البكر مرة ثانية نائبا له وانتعش الحزب . في عام ١٩٦٦ وقع حادث طائرة هيلوكوبتر على متنها رئيس الجمهورية عبد السلام عارف ومات . جاء بعده للحكم ورشحه البعثيون ضد عبد الرحمن البزاز وعبد الرحمن عارف رجل مسالم كان همه هو المصالحة مع خصومه ولم يكن شرسا مثل أخيه . وصوله للحكم بدعم العسكريين والبعث رأوا فيه الرئيس الضعيف الذي يستطيعون الانفراد به واقصاء خصومهم الأقوياء . حادثتان عجلتا باقالته ، هروب الطيار منير روفا العراقي لاسرائيل . والثاني هو حرب ١٩٦٧ التي اكتسحت بها اسرائيل الجيوش العربية .كان حزب البعث منقسم على نفسه وحصل اقتتال عنيف مما اضطر ميشيل عفلق لزيارة بغداد لتسوية الأمور وهنا تم طرده وتصفية المناولين لحزب بعث سوريا . لم يمكث عبد الرحمن عارف في الحكم طويلا وكان حزب البعث قد سيطر على الجيش أجبر على الاقالة عام ١٩٦٨ م والنفي الى اسطمبول وسلامة ابنه الضابط في الجيش وبقي منفيا حتى أعطاه صدام الأمان وعاد لبغداد في عام ١٩٨٠ م . تولى الحكم أحمد حسن البكر ونائبه صدام حسين والبكر من تكريت وهو وصدام أبناء عمومه ولكن كبر سنه وعدم مجابهة صدام وأقربائه جعله أشبه بالحاكم الصوري وكان صدام هو الرئيس الفعلي وطارد خصومه السابقين حتى أنه اغتال وزير الدفاع السابق حردان التكريتي عام ١٩٧١ بالكويت كادت تتسبب بأزمة بين الكويت والعراق وكان قاتله ( فتيان العاني ) وطلبه صدام وحكم عليه بالاعدام ثم عفا عنه وأطلق سراحه . مما يدل على ضعف حكم أحمد حسن البكر العقيد السابق أنه كان يعشق صوت عازف ربابه اسمه ملا ضيف الجبوري وكان يفرض على الاذاعة اذاعة أغانيه فاشتكى مدير الاذاعة لصدام فمنع نشره وقال اذا كلمكم الريس قولوا صدام مانعه . فاضطر البكر الى استقدام الجبوري الى قصره والاستماع له كل ليلة . الحقيقة أن عصر البكر هو عصر انتعاش العراق ونهضته بسبب ارتفاع مدخولات النفط ولكن أجبر على الاستقالة عام ١٩٧٩ م وتوفي عام ١٩٨٢ واستلم صدام الحكم .

‏قبل أن يستتب الحكم للبكر كان هناك متآمر دموي هو ناظم كزار دبرِ خطة لقتل البكر وصدام في استقبالهم من زيارة لهنغاريا ووزع ٢٠٠ عنصر على السطوح تحصدهم واحتجز وزير الدفاع والداخلية ولكن كشف مخططه وهرب مع عناصره الى ايران وتم القبض عليه وأعدم مع عناصره من الداخلية ولكنه قتل وزير الدفاع حماد شهاب وأصاب وزير الداخلية هذا في عام ١٩٧٣ م . شعر البكر بضعفه وقوة صدام خاصة بعد أن رأس المخابرات ووضع إخوته وأبناء عمومته في مفاصل الحزب والدولة حتى أنه عيّن خاله خير الله طلفاح محافظا لبغداد . رأى البكر أن يعمل وحدة مع سوريا وهذا عجّل بالضغط عليه واستلام الحكم . بعد أن تفرغ للحكم بدأ صدام بتصفية خصومه ، فجمع جميع رفاقه من الحزب وأعضاء الحكومة في قاعة ” الخُلد ” هذا فقط بعد تولي السلطة بستة أيام ، فقام بتصفية أغلب أعضاء حزب البعث الاشتراكي العربي ، كان سكرتير الحزب محيي عبد الحسين مشهدي رافضا لنقل السلطة لصدام فقبض عليه وعذّب وتم تهديده بتصفية اسرته فأجبر على اتهام ٦٨ قياديا بعثيا ( مدنيا وعسكريا ) بالمؤامرة على قلب نظام الحكم . في الاجتماع الذي نقل تلفزيونيا تم اخراج الرفاق واعدامهم بغرفة مجاورة ، بعد هذه المجزرة تم قتل مئات البعثيين والعسكريين الذين لم يبدوا الولاء لصدام ومن تلك اللحظة أصبح صدام رئيسا مطلقا ولاينازع في العراق . عيّن ابن خاله عدنان خير الله وزيرا للدفاع . كان صدام وقّع معاهدة الجزائر بين العراق وايران وهي التي تفصل الحدود وأعطت ايران جزءا على شط العرب وذلك تحت ضغط مصطفى البارزاني قائد حزب الأكراد الذين أنهكوا الجيش العراقي بدعم مباشر من شاه ايران محمد رضا بهلوي . بعد وصوله للحكم ووصول الخميني للسلطة ونفي الشاه مزّق صدام المعاهدة ودخل في حرب دامية لمدة ٨ سنوات مع ايران أنهكت البلدين وأنهكت ميزانيات الدول الشقيقة التي لم تبخل على العراق بالمساندة . كان صديق صدام المقرب عبد الكريم الشيخلي وكان مشتركا معه بمحاولة اغتيال عبد الكريم قاسم وهو الذي حمل صدام على ظهره ورافقه في رحلته لسوريا مكث بقربه في القاهرة وكان رجلا مثقفا ودرس الطب وهذا أيضا لم يشفع له اذ اغتيل في وضح النهار عام ١٩٨٠ م . والحقيقة أحيانا المرء يتوقف عند بعض الأحداث ولكن يجب أن نضع باعتبارنا أن السياسة والتجارة لاقلب لها وحين تتعارض المصالح فهي نظام غابة ان لم تقضِ على عدوك سيقضي عليك والعراق من سقوط الملكية وهو في اغتيالات وانقلابات والصديق يقتل صديقه والأخ يغدر بأخيه . من هذا أن محمد البكر ابن الرئيس شهر مسدسه على صدام وكان دائم التحدي له لكن كان مسافرا بسيارته مع زوجته وأطفاله حين صدمتهم شاحنة وقضت عليهم وهذا هدّ البكر فتنازل عن الحكم ليموت عام ١٩٨٢ م ميتة طبيعية . بدأت الحرب مع ايران باشتباكات حدودية سرعان ما أعلن صدام عن حق العراق بشط العرب ومزق معاهدة الجزائر . كان صدام يخشى من نفوذ الشيعة داخل العراق بعد وصول الخميني فانتصر في البداية واحتل أجزاء من البلدات الايرانية الحدودية ولكن عام ١٩٨٢ م بدأ الجيش العراقي يتقهقر ومن ثم أصبح العراق مدافعا في الست سنوات التالية والحقيقة أن صدام استعجل بالحرب على ايران إذ أن ايران الشاه كانت تسمى نمر الخليج وذلك بتعداد ٤٥٠ الف جندي وقوات بحرية وقوات جوية ولو فرضنا أن صدام لم يبادر بحربه مباشرة بعد وصول الخميني فإن نظام الملالي كان يخطط للاستغناء عن كثير من العسكريين ، كما أن مساوئ نظام الملالي بدأ يتضح للغالبية من الشعب الايراني وفهموا أخيرا أن نظام الشاه ينعم بحرية نسبية أفضل من نظام الخميني والعجيب أن هذه الحرب جاءت هدية لنظام الملالي فقاموا بتصفية كثيرا من المثقفين وأصحاب الرأي وهربت العقول والمفكرين من ايران ولجأت للخارج وطبعا كانت التهمة التي مكنت من تعزيز حكم الملالي هي الخيانة فهذه الحرب وحدت جميع طبقات الشعب الفارسي تجاه عدو واحد وكان يزج بالشباب والأطفال في مايسمى الأمواج البشرية في عمليات أشبه بالانتحار . وكانت هذه الحرب التي سميت بحرب الخليج الأولى أطول حروب القرن ( ٨ سنوات ) وقد غيرت من المنطقة للأبد ومهدت لحربين تاليتين حرب تحرير الكويت ١٩٩٠( حرب الخليج الثانية ) وحرب غزو العراق ٢٠٠٣ ( حرب الخليج الثانية ) . وأصابع الاتهام دوما تشير الى الشيطان الأكبر أو الطاعون .وما صدام والخميني إلا أدوات نفذت ماطلب منها وبالنهاية كان الدمار والتخلف الذي عانت منه منطقة الخليج كلها . وقفت الدول الخليجية وبالذات الكويت موقفا مساندا مشرفا مع صدام وكانت تشحن من ميناء الكويت الأسلحة حتى أن ايران قصفت الكويت وكذلك ساعدت المملكة العراق بمليارات الدولارات والمعدات ومصر مدت يد المساعدة وفي أخريات الحرب وقعة معركة الفاو وهي معركة تدرس في علم التكتيك الحربي وانتصر العراق وأجبر ايران على معاهدة سلام والعودة لمعاهدة الجزائ.

‏كانت تكلفة الحرب عالية على الطرفين ، قدرت الخسائر البشرية بنصف مليون جندي من الطرفين ومئات الالاف من المدنيين ودمار للمباني والبيئة ولم ينتصر أي طرف ولم يحل أي مشكلة . تستطيع أن تقول إنها حرب عبثية بلا معنى أو هدف . عام ١٩٨٨ ظهرت حادثة لايمكن اغفالها وهي ” حلبجة ” وهي مدينة كردية في اقليم كردستان وفي الأشهر الأخيرة من الحرب دخل الايرانيون لحلبجة فيما قيل أن هناك تسهيلا من السكان المحليين وكان علي حسن المجيد ابن عم صدام ويلقب بعلي الكيماوي قد استطاع استخدام سلاح كيماوي ضد القوات الايرانية في نجاح شبه محدود وتسبب باصابات أيضا للجنود العراقيين وعندما أبلغ بدخول الايرانيين الى حلبجة أثناء معركة سميت الأنفال وهو ماحدث فعلا قصف المنطقة بصواريخ محملة بغاز الخردل ولكن الايرانيين ارتدوا الأقنعة ووقع التأثير الأكبر على سكان حلبجة وغالبيتهم من النساء والأطفال ويقدر ماقتل منهم ٥٠٠٠-٧٠٠٠ وتعتبر هذه الجريمة اسوأ جريمة ابادة عنصرية تمثلت في توجيهها لجنس واحد عبر التاريخ ” الأكراد ” . و حوكم علي حسن المجيد عام ٢٠١٠ وشنق على هذه الفعلة . الحادثة الأخرى التي أخذت زخما من الاعلام هي حادثة قتل عدي ابن الرئيس لكامل حنّا ججو وهذا الأخير مسيحي وحارس شخصي لصدام حسين وحاز على ثقته وقيل في الأسباب أن سوزان مبارك زوجة الرئيس المصري حسني مبارك كانت في زيارة للعراق في أواخر انتهاء الحرب وقامت فزعة من أصوات رصاص وهذا وصل لعدي صدام حسين فتقصى عن الأمر فوجد أن كامل حنّا ججو كان يحتفل مع بعض أصدقائه وأطلق عدة عيارات نارية أفزعت الضيفة . فذهب له عدي وحصلت مشادة وشجار فقام عدي بضربه بعصا معه فقتله . وحكم على عدي بالإعدام والحقيقة رغم أني كنت غرا وقبل أن اتعلم المكر والدهاء من خبيئة الأيام ضحكت ضحكا شديدا في مقهى المربع على أصدقائي السذّج الأبرياء حين يمجدون نزاهة الرئيس صدام وعدله وللمعلومية هذا قبل أن أصاحب الأعراب الذين أمدوني بحكمة ( الناقة ماتاطا ولدها ) المهم أن أهل المقتول توسطوا لعدي عند والده ياللعجب وقيل فيها نادرة من البلاغة العربية ( الخطاب الذي أعدوه هؤلاء المسيحيين وأذكر منها أن يسبق عفوك عدلك ومن هذا النسيج ) بل أن الملك حسين بن طلال ملك الأردن توسط وفي النهاية تم العفو . لماذا الأعرابي يورد هذه الحكاية ؟ لأن خلق أسطورة وغرسها في وجدان الشعوب يحتاج لمثل هذه الحكايات .في هذه الفترة أي العامان اللذان سبقا غزو الكويت ١٩٨٨-١٩٨٩ . كان العراق يسعى الى تعزيز قواته العسكرية وكان بصدد مشروع لو تم كان سيجعل العراق قوة كبرى وهو مشروع المدفع العملاق والذي قوّض باغتيال مبتكره ومطوره الكندي جيرالد بول في عام ١٩٩٠ قبل الغزو بأشهر في شقته والأصابع تشير للموساد كما حدث في مفاعل تموز النووي العراقي عام ١٩٨١ الذي تعرض لغارة اسرائيلية دمرت جزءا كبيرا منه والحقيقة إن الإنسان لايعرف أين تكون الخيرة فيما كتبه الله . فقد آلمنا في وقتها وكنت اذ ذاك بالأول متوسط لكن كتفكير انسان بسيط ، آلمنا تدمير هذا المفاعل الذي سيكون نصرا للأمة وحماية لها وخاصة أن المعتدي هم اليهود الغاصبين لكن الأحداث التي تلت بعدها وقصف بلادنا بالصواريخ خلانا نقول : الحمد لله الذي لم يكن لديه نووي والا لن يوفرها . في عام ١٩٨٩ م تكون في بغداد ماسمي ( مجلس التعاون العربي المشترك ) وهو يضم العراق والأردن ومصر واليمن الشمالي وكان الرئيس صدام ذكر أن الملك حسين هو صاحب الاقتراخ وأن يكون مسماه ” الفيلق العربي ” ولكن صدام غير الاسم حتى لايكون طابعا عسكريا . وحقيقة أن وجود قائد محنك وصاحب بعد نظر مثل الرئيس المصري حسني مبارك رحمه الله هو الذي أفسد نوايا مجلس التعاون العربي ، للوهلة الأولى نلحظ أن هذا المجلس هو رد على دول مجلس التعاون الخليجي وهو كالخنجر في خاصرة دول الخليج . في عام ١٩٨٩ عرض الرئيس العراقي على الملك فهد رحمه الله معاهدة عدم اعتداء بين المملكة والعراق وكان رد الملك فهد رحمه الله : هل هذه المعاهدة ضرورية . والحقيقة أن الرجل لم يصب بخلل في مخه ويقرر فجأة أن يغزو الكويت ، بل لا أبالغ اذا قلت أنه فكر بهذا الأمر قبل حتى الحرب مع ايران . بعد انتهاء الحرب لجأ الى التحشيد الاعلامي والشعبي ضد الكويت فكان يزور بيوت المواطنين ويفتح الثلاجات ويقول : خيركم عند الكويت وكأن الكويتيين هم سرق غلة الشعب العراقي وخبزه وليست حربا كلفت البلاد أكثر من ٩٠ مليار كانت كافية لجعل العراق أغنى بلد في العالم . بدأت المناوشات الاعلاميةوالأكاذيب فيما يتعلق بحقل الرميلة وسرقة نفط العراق وهي مقدمات الغزو الغادر والمفاجئ للكويت الجار الذي لم يبخل على العراق والعراقيين . كان العراقيون المقيمين في الكويت من الستينات يشكلون أكثر من ٢٥٪ من السكان قبل أن يتقلص العددد بزمن البكر والانتعاش الاقتصادي .

شاهد أحدث المسلسلات والأفلام- من هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى